ملخّص رواية (أنّا كارنينا) للكاتب الرّوسي ليو تولستوي
نزلت (أنّا كارنينا) ضيفة في بيت أخيها (ستيفان أوبلنسكي) في (موسكو) قادمةً من (بطرسبرغ), ذلك حتى تلطّف الأجواء بينه و بين زوجته التي ضبطته متّلبسًا بجرم الخيانة مع إحدى الخادمات الحسنوات. و لقد كان لها ما أرادت، فقد تمكّنت بفضل ذكاءها الحادّ، و لسانها الذّلق، و دماثتها منقطعة النّظير، أن تجعل (داريا) تغفر لزوجها خطأه العظيم فأعادت بذلك المياه إلى مجاريها، و أنقذت تلك الأسرة ذات السّبعة أفراد من التّشتّت و الضّياع و التّلاشي. و خلال فترة مكوثها عند أخيها، تمّت دعوة (أنّا) لحضور إحدى حفلات الرّقص التي اعتادت عائلة (شرباتسكي) تنظيمها، فلم ترَ حرجًا في قبولها. و كانت الحفلة بمثابة خطبة غير رسمية بين الكونت (فرونسكي) و الشّابة الحسناء (كاترين شرباتسكي) اللذان اتّفق الجميع على أنّ مسألة زواجهما مرهونة بالوقت ليس إلّا.
لكن ما إن وقعت عينا الكونت (فرونسكي) على (أنّا) حتى طار قلبه، و جنّ جنونه، و وقع حبيسًا لجمالها الأخّاذ الذي لم ير مثله من قبل، حتى إنّه نسي الغاية من مجيئه إلى الحفلة. و لم يعبء بها كونها متزوّجة و أمًّا لطفل، بل جعل يتقرّب منها حتى حادثها و رقص معها. كلّ هذا تحت أنظار (كاترين) التي عرفت ممّا رأت أنّ الرّجل الذي تمنّته زوجًا قد وقع في حبائل امرأة غيرها فلا مطمع لها فيه بعد اليوم.
بعد الليلة الرّاقصة تعلّق كلّ منهما بالآخر، و ما لبث التعلّق أن استحال حبٍّا عظيمًا بينهما، و شوهِدَ الاثنان سويةً في أكثر من مناسبة، بل تماديا حتى أصبحا يلتقيان أمام زوجها (أليكسيس كارنين) الذي مالبث أن كشف عن علاقة زوجته بالكونت، و لمّا كاشفها بالأمر اعترفت له بحبّها للرّجل و مقتها إياه، فشُدِهَ (أليكسيس) و علم أنّ زوجته تسير في منحدر زلق سيكسر دعائم عائلته الصّغيرة، فحذّرها من مغبّة عملها الطّائش و ما قد ستجتنيه على نفسها و على سمعة العائلة إذا ما استمرّت فيه، فلم تُلقِ لنصحه بالًا، و ارتمت في أحضان عشيقها تبادله الغرام، حتى حبلت منه، و أنجبت طفلة لقيطة.
كادت تموت (أنّا) ساعة وضعها لمولودتها، لكنّ الأقدار شاءت أن تُطيل في عمرها. و في ساعة مرضها تلك طلبت من زوجها (أليكسيس) الحضور لتطلب الصّفح منه، ففعل ذلك و غفر لها إساءتها، بل إنّه بكاها بكاءًا شديدًا ينمّ عن كبر نفسه، و علوّ همّته. و كان يظنّ أنّ في نحيبها و نشيجها ندم عميق على جرمها الفظيع الذي اقترفته. لكن هيهات هيهات، فما إن شُفيَت (أنّا) و أبلت حتى عادت إلى سابق عهدها، عادت إلى حياتها السّاقطة مع (فرونسكي) و حطّمت بذلك آمال زوجها الذي اعتقد بتوبتها ساعة وضعها لكنّه باطلًا ما اعتقد. و لمّا أدركت (أنّا) أنّ فعلها شنيع لا يُغتَفر، راحت تطلب من زوجها الطّلاق حتى تستطيع الارتباط بفرونسكي بصفة شرعية و قانونيّة، و تضمن أيضًا حقوقها و حقوق ابنتها النّغلة، و كذلك حتى تظهر بالصّورة التي تظهر بها النّساء المتزوّجات في المجتمعات، و تكفّ عن نفسها الألسن التي ما فتأت تذكرها بالسّوء مذّ بروز علاقتها الشّاذة أمام العلن. فقد أصبحت منبوذة في كلّ مكان تطأه قدماها، ممّا جعلها تنصرف عن النّاس حتى لا يلمزوها بكلام جارح هي في غنى عن سماعه و تحمّله.
إلا أنّ زوجها أبى أن يطلّقها، لأنّ أعرافه تُملي عليه ألا يفعل، فلا يحقّ للمرأة المطلّقة أن تتخذّ زوجًا بعد طلاقها، و هذا ما كانت تنتويه (أنّا) و تبيّته، و يرفضه (أليكسيس) و يأباه الإباء كلّه. فكان تطليقها ضربًا من المحال،و بقاؤها على حالتها تلك ضربًا من الشّقاء.
مع مرور الأيام انطفأت جذوة الحبّ التي كانت تشعل قلبيّ (أنّا) و (فرونسكي) و تلهبهما. و صارت حياتهما جحيمًا لا يُطاق، و كابوسًا لا يُرى في الأحلام بل في الحقيقة و الواقع. هذا الذي دفع (أنّا) إلى اختلاق المشاكل بسبب الظّنون التي طالت مخيّلتها، و هي أنّ حبيبها ملّها و سلاها، و أصبح يفتّش عن حبّ جديد في قلب امرأة أخرى، خصوصًا بعد أن علمت أنّ أمّه تمقتها مقتًا، و تسعى إلى إقناعه بالزّواج من امرأة اختارتها هي له.
كما أنّ ابتعاد (أنّا) عن ابنها فلذة كبدها كان له أثرٌ وخيم على نفسيّتها، و كان سببًا كافيا لتدهور علاقتها بحبيبها، كيف لا و قد كانت تراه دومًا سبب خراب بيتها و حياتها، و كانت كلّما قارنت حبّها لولدها (سيرج) مع حبّها لفرونسكي، رجحت كفّة الأول على الأخير.
أمّا (فرونسكي) فقد كان مندهشًا لتغيّر طباع حبيبته، و كان يتجنّب الحديث معها في أمور حسّاسة جهد استطاعته حتى يتفادى المشاكل لكنّه لم يسلم منها رغم كل مساعيه لإحلال السّكينة بينه و بينها.
و حدث ذات يوم أن تلاسن الاثنان فخرج (فرونسكي) من البيت و تعبته (أنّا) بعد مدّة، إلا أنّها فشلت في تقفّي أثره، فذهبت بها الظّنون أنّه قصد بيت أمّه، و أنّه يريد الاجتماع بها و بالمرأة التي تريد تزويجه بها، فثارت ثائرتها، و اتّجهت إلى المحطّة لتركب القطار المؤدّي إلى بيت والدة حبيبها. حينها دارت الكثير من الهواجس في مخيّلتها، و أدركت أنّها خسرت كلّ شيء، خسرت زوجًا كريمًا من أفضل الرّجال، و خسرت معه ابنها و حشاشة قلبها (سيرج)، و خسرت نفسها بين يدي هذا الرّجل الغريب الذي ما كاد يقضي وطره منها حتى نفر منها. و إنّ تلك الأفكار لتأخذ من (أنّا) كلّ مأخذ حتى ألفت نفسها واقفة أمام سكّة الحديد، و لمّا دنا منها القطار و اقترب، رمت بنفسها تحت عجلاتها، فقطّعتها إربًا، و أنهت معاناتها و حياتها في الوقت نفسه.
تعليقات
إرسال تعليق