ملخص رواية (زينب)
رواية (زينب) لكاتبها (محمد حسين هيكل) تتناول في فصولها العلاقة التي تربط الفتيان بالصّبايا في قرية من قرى (مصر) العميقة. قرية يعيش معظم أهلها من زراعة القطن و بعض الحبوب كالذّرة و الأرز. و وبهذا ربطت بينهم أواصر قويّة، و وشائج متينة، كونهم يمضون سحابة نهارهم في العمل سويةً، شبّابًا و فتياتً، فيتشاركون بذلك في نفس التّفاصيل اليوميّة، من تعب و راحة و جد و لهو.
بطلة الرّواية و كما يبيّنه العنوان فتاة بديعة الجمال، حسنة القوام، طيبة السّريرة، اسمها (زينب). كانت كنظيراتها من بنات جنسها، تمضي الكثير من وقتها في زراعة القطن، أو جمع محصوله، أو سقيه أو ملء جرارها ماءًا من الغدير العذب و العودة بها إلى المنزل. إلا أن حدث ذات يوم و سقطت (زينب) في حقل من حقول القطن مغشيًا عليها لشدّة ما نالها من الإعياء و التّعب، فهرع إليها شاب اسمه (إبراهيم) و صبّ فوقها بعض الماء حتى عادت إلى وعيها. و ما كادت تفتح عينيها حتى ألفت نفسها بين أحضان هذا الشّاب الغريب عنها، فكانت تلك اللحظة فاتحة قصّة حبٍّ بينها و بينه.
بعد تلك الحادثة لازم كلّ منهما صاحبه، فكانا يتشاركان الأعمال، و يبنيان سويًا أحلام المستقبل، و يمنّي كل منهما نفسه بالظّفر بصاحبه في قادم الأيام. إلا أنّ هنالك ما كان يعكّر صفو هذه العلاقة الجميلة، و يقضّ هناء الحبّ العذري بينهما. فقد كانت (زينب) محط أنظار شابان آخران: الأول اسمه (حامد) و هو ذو ثروة و جاه و له حظوة عند أهل القرية، لكنّ قلبه كان متعلّقًا أيضًا بابنة عمّه التي هجرته و تزوجت برجل غيره، و ما لبث بعدها أن قطع رجاؤه من (زينب) بعد أن صدّته عنها بالرغم من علاقة غابرة جمعتهما في الماضي.
أما الثّاني فهو (حسن)، شاب حسن الخلق، ينتمي إلى عائلة طيبة السّمعة، يملك فدانات يزرعها في أيام البذر، و يبيع غلّتها في مواسم الحصاد، و يجني بذلك مالًا يضعه في صفّ ميسوري الحال. و لم تنشأ بينه و بين (زينب) قصّة حب أبدًا، إلا أنّ أهله و أهلها أرادوا تزويجهما و ألحّوا عليه و عليها بذلك، فكان لهم ما أرادوا، و لم تسطع (زينب) أن تقف في وجه والديها لتمنع حدوث هذه الزّيجة، فلا كلمة تعلو فوق كلمة والدها، و هو قد قرّر تزويجها لحسن ابن خليل، فلا مردّ لقراراه، و لا رجوع عن كلمته التي ألقى بها بين كبار القوم. و بالرّغم من وجود صداقة قويّة تجمع (حسن) بإبراهيم، فما إن عرف الأخير أنّ صاحبه يودّ الاقتران بحبيبته وفقًا لشرع الله، حتى أخلى له الطريق إليها، و لم يفكّر أن يزاحمه عليها وفاءً لعهد الصّداقة الذي بينهما، و مخافة أن يخسر صديق طفولته و شبابه بسبب غرض من الأغراض و لو كان الصّرح الذي يبني عليه آماله الحسان و أمانيه العذبة.
زُفّت (زينب) عروسًا إلى (حسن) و كان نعم الرّجل لها، و نعم الزّوج معها، فلم ترَ منه إلا كبر القلب، و علوّ النّفس، و رفعة الأخلاق. فكان يصيبها من تبكيت الضمير أكثر ممّا يصيبها من نفورها منه، و ازورارها عنه. و كم جاهدت نفسها لتنزله منزلة الحبيب في قلبها إلا أنّها لم تطاوعها و كانت تصدف عنه في كل مرّة تحاول التّقرب منه بعواطفها، فهي مازالت تحبّ (إبراهيم) و لم تقدر على محو صور الماضي الجميل الذي قضته برفقته من مخيلّتها. و قد بلغ بها الأمر أن واعدته سرًّا بعد زواجها في أكثر من مناسبة، فعانقته و قبّلته و أنهت إليه أنّ حياتها أصبحت جحيمًا لا يُطاق في كنف زوج لا تحمل له في قلبها ذرة حبّ.
أمّا (حامد) فلم يمنعه زواج (زينب) من كبح جموح نزواته، إذ أنّه حاول التّقرب منها في الكثير من المرّات لكنّها لم تعره أيّ انتباه، فهي لا تحبّه، و لا يسكن قلبها شاب غير (إبراهيم). ضف إلى ذلك أنّ (حامد) لا يستقر على حبّ فتاة واحدة أبدًا، فهو لا يدخل في علاقة إلا وخرج منها بعد زمن وجيز، و لم يجرّه إلا الحنين إلى غابر الأيام للحديث مع (زينب) لعلّه يحيي في نفسه بعض السّعادة التي ذهبت بها ابنة عمّه (عزيزة) التي أحبّها من كلّ قلبه و جوارحه، فطارت من بين يديه إلى رجل غيره.
دارت دورة الأيام، و لم يزد ذلك (زينب) إلا حبًّا و هياما و تعلّقًا بإبراهيم، إلا أن وصله ذات يوم استدعاء من العسكر يأمره بالاتحاق بصفوف الجيش لتأدية الخدمة العسكرية. نزل هذا الخبر كالصّاعقة عليه و على (زينب)، فكيف للواحد منهما أن يصبر على فراق الآخر ساعات و أميالاً؟! و أنّى لكلّ منهما ألّا يكحّل عينية بمنظر حبيبه كلّ يوم بعد كل اللقاءات اليوميّة التي جمعتهما في ما مضى من الأشهر؟!
لكنّ القرار نافذ لا رجعة فيه، و ما هي إلّا ساعات معدودة حتى ركب (إبراهيم) القطار متّجهًا إلى الحدود بين (مصر) و (السّودان) و بالتحديد إلى (أم درمان) ليلبي نداء الوطن.
لكنّ القرار نافذ لا رجعة فيه، و ما هي إلّا ساعات معدودة حتى ركب (إبراهيم) القطار متّجهًا إلى الحدود بين (مصر) و (السّودان) و بالتحديد إلى (أم درمان) ليلبي نداء الوطن.
بعد رحيل (إبراهيم) ساءت حالة (زينب) كثيرًا، و لا زال السّعال رابضًا فوق صدرها لا يبرحه حتى صارت تنفث الدّم و القيح، فأتاها زوجها بالطّبيب لكنّ الوقت كان قد داهمهم، فقد تمكّن السّلّ منها و أسقطها طريحة الفراش. كما أنّ الأدوية و مسكّنات الألم لم تُجدِ نفعا معها، و لا زالت تعاني الأمرين حتى تمكّن الموت منها، و حرمها من آخر أمانيها أن ترى (إبراهيم) قبل فراق الدّنيا. ماتت (زينب) دون أن تُفصح عن سرّها لأيّ كان، ماتت حزنًا و كمدًا على حبيبها الذي فرّقت بينهم الأعراف و التّقاليد، و حالت بينهما قساوة الشّرائع التي سنّها الإنسان ليظلم الإنسان.
تعليقات
إرسال تعليق