ملخص مجموعة (في مهب الرّيح) للكاتب اللبناني ميخائيل نعيمة
(في مهب الرّيح) مجموعة قصص ومقالات للكاتب اللبناني (ميخائيل نعيمة). يتناول فيها الكثير من الموضوعات السّياسيّة والاجتماعية والفكريّة والثّقافيّة. إذ يستهلها بمقدمة يتحدث فيها عن ويلات الحرب وآثارها الوخيمة على الأمم والمجتمعات. ويحمّل الحرب مسؤولية ما آلت إليه الجامعة الانسانية من فقر وجوع وجهل ومرض لأنّ هذه الآفات الخطيرة ماهي إلا نتاج انشغال الشّعوب في التّناحر فيما بينها، عوض تشييد الحضارات وبناء الانسان.
في المقال التالي نقدّم لكم ملخصات لبعض مقالات وقصص مجموعة (في مهب الرّيح) مرتبّة مثلما جاءت في الكتاب.
السّيف والقصبة:
ينهض الملك فزعًا من منام رآه فيطلب من مفسّر الأحلام خاصته (بهرام) أن يأتيه على الفور ليفسّر له ما جاءه في حلمه. رأى الملك فيم يرى النّائم أنّه يسير على رأس جيش عرمرم لقتال جيوش العدو، قبل أن يعترضهم رجل تافه يحمل قصبة و يأبى أن يتنحى عن طريق الجيش حتى يكمل مسيره. وعندما يأمر الملك جنوده بقتل الرجل تنكسر سيوفهم أمام قصبته الواحد تلو الآخر بما فيهم سيفه هو أيضًا. ثمّ يصطف الجنود في سهل واسع وكلّ منهم يحمل قصبة كتلك التي يحملها المعتوه وتحت قدمه سيف مكسور. أوضح (بهرام) للملك فحوى رؤياه، والتي تقضي بأنّ عهد السّيف والنّار قد ولّى، ولابدّ أن يخلفه عهد الحكمة والتّعقل. وما يكاد الملك يسمع التّفسير حتى ينهر (بهرام) ويأمره بالانصراف بعيدًا قبل أن يبطش به، ثم يقوم فيجمع كل فلاسفة وكتّاب وشعراء مملكته ويزجّ بهم في السّجن، وما يلبث أن يأمر بجمع كل الأقلام وحرقها على رؤوس الأشهاد حتى يعرف رعيته أنّه لا حكم يجري بينهم غير حكم السّيف. ولمّا كان للملك ما أراد من حرق الأقلام تسلّل أحد المعتوهين إلى كومة الفحم وأخذ منها فحمة كتب فيها على إحدى الرّايات عبارات تناشد بالحرية والعدل. وماهي إلا لحظات حتى سرى مفعول تلك العبارات بين الحشد سريان الكهرباء في الأسلاك، فانتفض الشّعب انتفاضة رجل واحد وأسقطوا بذلك الحكم الجائر لملكهم.
الخرافة الكبرى:
يحكى أنّ فلاحًا صادق دبًّا وأصبح يلازمه كمثل ظلّه. وذات يوم أقبل الدّب على الفلاح فوجده يغطّ في قيلولة عميقة وحول وجهه تدور ذبابة مزعجة تكدّر عليه صفو نومه. انزعج الدّب من الذّبابة وحاول إبعادها عن وجه صاحبه فكانت تطير هاربة لتعود إليه من جديد. ولمّا يأس الدّب من محاولاته حمل صخرة عظيمة وهوى بها على الذّبابة فطارت مبتعدةً، وصرع الدّب صاحبه الفلاح من حيث كان يظنّ أنّه يقدّم له العون. وضرب الكاتب لنا هذا المثل ليحاكي ماتصنعه الدّول العظيمة من حروب ونزاعات من أجل راحة الانسان وسكينته، وهي في الحقيقة تقوّض تلك الرّاحة من حيث تعلم، وتكدّر تلك السّكينة من حيث تدري. لأنّ عظماء الكون يقتاتون من الحرب، ولا يجدّون حجة غيرها لإرساء جسور الأمن والسّلام حسب آراءهم المريضة التي لا يُؤخذ بها.
تستريحون يوم أستريح:
ركبت العائلة السّعيدة سيارتها الفاخرة وخرجت في نزهة في طريق البحر، ولمّا اشتدّ الجوع بأفرادها توقّفوا عند صخرة عظيمة ليتناولوا طعام الغداء. وهنا نشب جدال ساخن بين الأم التي تشايع الدّيمقراطيّة، والإبن الذي يناصر الشّيوعية. فانبرى كلّ منهما لصاحبه يعطيه الدّلائل الدّامغة على أحقيّة معسكره لحكم البلاد، وتسيير أمور العباد. إلا أن تدخلّ الأب ليفضّ هذا الحوار، ويخبرهم أنّ الأولى بقيادة النّاس والوطن، هو الذي يضمن الحرية والسّلام والعدل ويذود عنهم الذّود كلّه.
رحابة الصّدر:
وفيها يتطرّق الكاتب إلى الوصايا التي لقنّها (لقمان) لابنه ساعة تولّيه زمام الحكم في جزر (الواق واق). وخلاصة القول أن الحكم حسب والد لقمان لايقوم إلا بأمور ثلاثة:أن يحبّ محكوميه أكثر من حبّه للحكم. وأن يُخضع القانون للعدل. وأن يتسّع صدره لمعارضيه. أمّا الأولى فإنّه يقصد بها الاهتمام بأمور رعيته أكثر من الاهتمام بشؤون الحكم، فبانصلاح الأول ينصلح الأخير. و أما الثّانية فيقصد بها الاحتكام إلى العدل لا إلى القانون، فالعدل يقضي بأن يأخذ كلّ ذي حق حقّه، أما القانون فيحكم بالتّساوي بين النّاس دون أن يأخذ في الاعتبار ظروفهم، وميولهم، ومذاهبهم، وقدرتهم على تحمّل الجزاء نفسه للجرم ذاته وهم يختلفون عن بعضهم البعض في القدرة والتّحمّل. أمّا الثّالثة وهي الأهمّ، أن يتقبّل الانتقاد مهما كان، وألا يجبر رعيته على السّير وفق مشيئته، فإن لم يكن كذلك فالعقاب والجزاء. لأنّ الله تعالى على عظمته وجلالته، خلق بمشيئته من يعارض مشيئته. خلق الشّيطان الذي أخرج آدم وحوّاء من الجنة، وخلق من يعارض مشيئته في الكون وهو الأقدر على أن يمحق معارضيه في لمح البصر.
الشّباب الحائر:
لا يستطيع المرء أن يفاضل بين مخلوقات الله
ويجعل إحداها في أعلى هرم الأهميّة والضّرورة وينزل بأخرى إلى درك التّفاهة
والحقارة. في الوقت ذاته، يستطيع المرء أن يميل إلى الشّباب من بين كلّ أشواط
عمره، ففي الشّباب براءة الطفولة، ورزانة الكهولة، وحكمة الشّيخوخة. وما يميّز الشّباب عن غيرها من مراحل الحياة أنّها
المرحلة التي يندفع فيها المرء اندفاعًا نحو تحقيق أهدافه، والوصول إلى مساعيه،
ضاربًا عرض الحائط كلّ المصاعب التي تعترض طريقه. غير أنّ شباب اليوم (يقصد الجيل
الذي عايش ويلات الحرب العالمية الثّانية) يجد نفسه بين المطرقة والسّندان. بين
ماضٍ بالدّموع والدّماء، ومستقبل محفوف بالمجهول ينذر بنشوب حرب عالميّة ثالثة.
وبين هذه وتلك، يجد الشّباب نفسه مجبرا على افتكاك حقّه في الحياة والحريّة، مادام
يسعى لافتكاك هذا الحق الذي لن يحرمه منه أحد وهو مشبعٌ بالعزيمة والشّجاعة.
هجم الرّبيع
بعد شتاء قاس لزم فيه النّاس بيوتهم، واجتمعوا حول مدافئهم، وتجهمّت الطّبيعة فلا شمس تطل، ولا مخلوقًا ينبس كلمة بلغته، حلّ الرّبيع، واخترقت أولى أشعة الشّمس ألواح الجليد، وكتل الثّلج، فأذابتهما، وجرت الوديان والسواقي بماءهما العذب الزّلال. خرج الكاتب ليستقبل أول تباشير الرّبيع، فرأى الفلاحين متجهين نحو حقولهم ومعاولهم على ظهورهم، وبهائمهم تسير بطمأنينة خلفهم. ليقلّبوا تربتهم ويزرعوها بذورًا وبقولًا. وانفجرت البراعم فاكتست الأشجار حلّة بيضاء كأنّها عرائس. وخرجت الطّيور أسرابًا أسرابًا وطارت في الأفق لتستمتع بالدّفء، وتكحّل مآقيها بالألوان التي اكتست بها صفحة الأرض. حتى الضّفادع قامت من سباتها بالنّقيق كأنّها تنشد أنشودة الرّبيع، وتغنّي محبورة للفصل الذي يُحيِ كلّ شيء بعد مماته، ويبعث في الأجواء النّشاط والحيويّة بعد أن ساد السكون والخمول.
تعليقات
إرسال تعليق