ملخص رواية (قواعد العشق الأربعون)
تُعتبر رواية (قواعد العشق الأربعون) من أكثر الروايات المعاصرة قراءة وشعبية. حيث بيعت منها مايقارب 600.000 نسخة في تركيا فقط. وبالرغم من أنّ كاتبتها تركية إلا أنّ اللغة الأصلية التي نُشرت بها الرّواية هي اللغة الإنجليزية، ممّا ساهم في رواجها وانتشارها بشكل واسع، خصوصًا وأنّها تحكي قصة صداقة حقيقية جمعت بين العالم والخطيب الشّهير "جلال الدّين الرّومي" والدّرويش الجوّال المتصوّف "شمس التّبريزي".
في الوقت ذاته، تتناول الرّواية قصّة أخرى بالموازاة مع قصة (جلال الدّين) (وشمس). تلك التي تدور وقائعها بين (إيلا روبنشتاين)، امرأة أربعينية غير راضية بزواجها بسبب بعلها كثير العلاقات مع النّساء. و (عزيز زاهارا) مؤلف رواية (الكفر الحلو) التي تكون (إيلا) بصدد إعداد تقرير عنها لصالح وكالة أدبية أمريكية.
ينزل (شمس التّبريزي) في إحدى كتيات الدّراويش الصوفيين ببغداد فيمكث هنالك ردحًا من الزّمن يتتلمذ على يد الشّيخ (بابا زمان). وفي يوم من الأيام تصل رسالة من (قونية) إلى (بابا زمان) من طرف السّيد (سعيد برهان الدّين) وهو معلمّ ورفيق وتلميذ في الآن ذاته للعالم والخطيب الكبير (جلال الدّين الرّومي).
وفحوى الرّسالة أنّ رؤيا متكرّرة أصبحت تراود(جلال الدّين) في نومه. وهو أنّه يرى نفسه يبحث عن رجلٍ في مدينة تعج بالنّاس، ويرى نفسه يحمل فانوسًا فوق بئر باكيًا منتحبًا. وأنّه أشار إلى رؤية دودة القزّ في منامه أيضًا. ولمّا كانت دودة القزّ ترمز إلى الحرير الذي يولع به سيّد تكية الدّراويش في (بغداد)، فإنّ الظّنّ كلّه أنّ صاحب الرّومي المنشود يقبع تحت سقف التّكية. فإن كان من التّلاميذ من هو متفرد عن البقية بأفكاره وتصوّراته، فلا ريب أنّه هو الرّجل المنشود من قبل (الرّومي)، فلا ريب أنّه (شمس التّبريزي).
عندما عرض (بابا زمان) على (شمس) أن يسافر إلى (قونية) لغرض مصاحبة أحد أبرز رجال العلم والدّين هناك، ليتعلمّ منه ويعلّمه، ويجد كلّ منهما في الآخر مؤنسًا ورفيقًا، رحب (شمس) بالفكرة، وركب جواده وطار كالبرق إلى بلاد الأناضول.
كان اللقاء الأول بين (شمس) و(جلال الدّين) في أزقة (قونية) لقاءًا فريدًا من نوعه. فبعد أن اعتاد (جلال الدّين) على تلقّي الاحترام والتّبجيل من كل من يعرفه، قاطع (شمس) موكبه ذات يوم، وحدّثه بطريقة لم يحدثه بها امرؤ من قبل. بل إنّه أجبره على أن يترجّل من على فوق حصانه وينحني له إجلالًا وتقديرًا وهو الذي لم ينحني لرجل من قبل قط. ومنذ ذلك الحين صار كلّ منهما ملازمًا لصاحبه، مرتبطٌا به ارتباطًا وثيقًا.
سكن (شمس) منزل (الرّومي)، وخلال أول أربعين يوماً اعتزل هذا الأخير النّاس جميعًا حتى زوجته وأولاده. بل إنّه توقف عن تدريس تلاميذه وإلقاء الخطب والمواعظ على تابعيه ومريديه. وآثر أن يختلي بصديقه في مكتبة بيته من أجل كتابة القواعد الأربعين للعشق. وبالرّغم من أنّ أهل البيت حاولوا استراق السّمع من بين خصاص الباب، وشقوق الجدران، إلا أنّهم لم يسمعوا إلا همسًا خفيفًا لا يكاد يُفهَم أو يكون له معنى.
بعد انقضاء الأربعين يومًا خرج (الرّومي) إلى أهله ومحبّيه وقد استحال إلى شخص آخر غير ذلك الذي كان يعرفه النّاس قبل التقاءه بشمس. وبعد أن انعقدت عرى الصّداقة وأواصر المحبّة بين الاثنين، تغيرت طباع (الرّومي) بشكل واضح وجليّ. فبعد أن كان مجلسه مقتصرًا على أصحاب العلم والجاه والمعرفة، أصبح "مولانا" يخالط السّكّير والمومس والشّحاذ واللص وكل من ينتمي إلى الدّرك الأسفل من المجتمع الإنساني. كل هذا بإيعاز من صاحبه الذي لم يكن ليعتبر الصّوفي صوفيًّا إلا إذا تمازجت روحه مع جميع الأرواح من كل الأطياف والمشارب والدّيانات والمذاهب، دون أن يلقي بالاًا لآراء النّاس وانطباعاتهم وأحكامهم. فشمس نفسه كان صديقًا للجميع دون استثناء.
فلكم كانت دهشة أهل (قونية) كبيرة عندما رأوا "مولانا" كما كانوا يلقّبونه، يسير بخطى ثابته نحو المخمرة ليجالس معاقري الشّراب ويتبادل معهم أطراف الحديث، بل ويقني قارورتي خمر أيضًا ليحملهما إلى بيته. ولم تكن هذه الحادثة فقط هي التي أعلنت تغير طباع (الرّومي) بشكل شاذ ومريب. بل استقباله أيضًا لمومس في بيته جعله يفقد الكثيرين من تلاميذه ومحبّيه ومريديه، دون أن يفوتهم أنّ السّبب وراء هذا الوضع كلّه هو (شمس التّبريزي).
لقد صنع (شمس) لنفسه الكثير من الأعداء في (قونية) وهذا بسبب سلوكه الذي أجمع الجميع على أنّه عدواني ومستفزّ. فتارة يدخل إلى دار البغاء من أجل نصح المومسات وإرشادهنّ إلى طريق الصّواب. وتارةً يحمل سكيرًا متبولًا على نفسه فوق أكتافه ليوصله إلى بيته. وأخرى يحرج المعلم (ياسن) أمام طلابه بالمدرسة. ولعلّ السّبب الأبرز الذي جعل حياته مهددة بحق هو رميه لكيس النّقود الذي أهداه إياه حاكم (قونية) أمام جمع من النّاس بعد تأديته لرقصة (سما) مع (الرّومي) وبعض الدّراويش الآخرين. مبرّرا تصرّفه هذا بأنّ الرّقصة ما هي إلا طقس روحي بحت مترفّع عن الماديات والمحسوسات.
و قد ترك (شمس) مدينة (قونية) في وقت من الأوقات، لكنّه لم يلبث أن عاد إليها من جديد بعدما أرسل (الرّومي) أكبر أولاده (سلطان) للتّفتيش عن صديق روحه الذي رحل دون سابق إنذار. ومع أنّ (سلطان) تردّد كثيرًا في الإقدام على خطوة البحث هذه حتى يثوب والده إلى رشده ويعود إلى عائلته وأصحابه من جديد، إلا أنّه لم يجد بدًّا في البحث والعثور على الدّرويش الجوّال، خصوصًا بعد أن رأى حال والده يسوء يومًا بعد يوم منذ ساعة فراقه مع (شمس).
عثر (سلطان ولد) على (شمس) في (دمشق) بعد أن دلّه البعض إلى أن صاحبه استقر هنالك منذ ساعة رحيله عن الأناضول. ولم يتردّد (سلطان) في العودة بصديق والده إلى (قونية) بعد أن ألحّ عليه بضرورة ذلك في إنقاذ أبيه.
باجتماع (الرّومي) و(شمس) من جديد اجتمع أعداء الأخير أيضًا وصمّموا تصميمًا على قتله هذه المرّة حتى يخلو لهم وجه مولاهم، ويخلّصوا سكّان (قونية) من شرّ هذا الدّرويش الجوّال الذي تجاوز كلّ حدوده. فقد اجتمع بعض من أشدّ النّاس عداوة لشمس التّبريزي بما فيهم ابن الرّومي (علاء الدّين) الذي كان أكثر الكارهين لشمس من بين أهل (الرّومي). نصبت الجماعة فخًّا لشمس التّبريزي الذي واجه قاتليه وتكلّم معهم بكل شجّاعة وجسارة قبل أن يغدروه بطعنة نجلاء، ويرموه في بئر موجودة في فناء منزل (الرّومي) الذي لم يلبث كثيرًا أن اكتشف موت صاحبه، وتوأم روحه. فحزن حزنًا عظيمًا على فراق ذلك الرّجل العظيم، الذي علمّه كيف يعشق الله من خلال مخلوقاته وبدائع صنعه.
أما ما تمّ من أمر (إيلا) وهي تقرأ رواية (الكفر الحلو) هو أنّها وقعت في حب كاتبها (عزيز زاهارا) خصوصًا بعد أن التقت به، ورأته وخبرت طباعه. بل وصل بها الأمر إلى أن هجرت زوجها وأولادها وطارت إلى (قونية) أين كان ينتظرها عشيقها. هذا الأخير الذي كان مصابًا بنوع خبيث من السّرطانات الذي مالبث أن فتك به.
أقيمت جنازة كبيرة لعزيز زهارا، حضر فيها النّاس من مختلف المذاهب والأديان والمعتقدات وهذا بعد أن راسلتهم (إيلا) لتخلّد وفاة الرّجل الذي غيّر حياتها، وعرّفها على (شمس التّبريزي) وحكاياته ومواقفه مع (جلال الدين الرّومي).
تعليقات
إرسال تعليق